اِنْ لَمْ تَكُنْ ذئباً في الغابِ بالتْ عليكَ الثعالبُ

April 25, 2009 at 11:07 pm | Posted in Turkmens | Leave a comment
Tags:

 اِنْ لَمْ تَكُنْ ذئباً في الغابِ بالتْ عليكَ الثعالبُ

تكين سيوملي

 http://cid-2e93610a1d064d40.spaces.live.com

 

يدّعي تشارلس دارون بانَّ الانسان تطوّرَ من خلية نباتيّة واحدة ومرَّ بمراحل عديدة قبل انْ يصبح انسانا، وفي سُلّم تطوّره مرَّ الانسان بجميع المراحل الحيوانيّة من الاسماك والزواحف والطيور واللبائن.

تساؤل يخطر في الذهن، اذا كانت كل هذه الحيوانات اجدادنا فهل انّ  كروموسوماتنا وجيناتنا تحمل بعض او جميع صفات تلك الحيوانات؟ اذا القينا نظرة متمعنة على طبائع البشر نلاحظ بانّه خليط من طبائع الحيوانات التي سبقناها في سلَّم التطور ، فالانسان يمتلك شجاعة الاسد وجُبن الارنب ومكر الثعلب وغباء الحمار وخاصيّة العمل الجماعي للنمل والنحل وتلون الحرباء كوسيلة للدفاع ( نلاحظ انَّ  بعض الاشخاص في العراق كان شيوعيا ثمّ اصبح قوميا ومن ثمّ نراه متديّنا او طائفيّا ) وبدرجات متفاوتة.

انّ الفرق بيننا وبين اجدادنا الحيوانات هو في درجة تطوّر عقولنا لانّ العقل الانساني وكما اراد الله سبحانه وتعالى لا يقف في تطوّره عند حد معيّن، فهو يرتقي يوما بعد يوم وجيلا بعد جيل الى ماشاء الله له.

كان الانسان البدائي يدين بولائه لنفسه ثمّ اصبح ولائه لعائلته ثمّ لقبيلته وعشيرته ومن ثمّ لقوميته ونحن في هذه المرحلة من تاريخ الانسانية في بداية مرحلة الولاء للانسانية ولكن هذه الولاءات تختلف من انسان الى اخر ومن مجتمع الى اخر، وسياتي عاجلا او اجلا اليوم الذي سيؤمن فيه معظم البشرية بالانسانية وبعبارة اخرى انَّ الانسان المتطوِّر في المستقبل سيستهزيء من سماعه مقولة انا الماني او انا عربي او انا كردي او انا تركماني وسيُعتبر قائله متخلفا عقليا في سلَّم التطوّر.

لنلقي الان نظرة متفحصة على المجتمعات الانسانية في عصرنا ولناخذ المجتمع العراقي  كمثال.

بعد الاحتلال الامريكي يُمكن تشبيه العراق بغابة تتصارع فيها مختلف الحيوانات وبمختلف اسلحتها كقوّة الاسد (الامريكيون والبريطانيون والاحزاب التي تمتلك ميليشيات كمثال ) ودهاء الثعلب ( مام جلال وبريمر كمثال ) ومكر وتلوّن الحرباء ( عادل عبدالمهدي كمثال ) ونستطيع الاستمرار في ضرب امثلة عديدة اخرى.

انّ هذا الصراع من اجل البقاء خصلة غرزها الله في طبيعتنا ولكن التمادي والافراط فيها وعدم السيطرة عليها جلبت وتجلب وستجلب على الانسانية المصائب والويلات والتخلّف عن ركب الحضارة الانسانية.

انّ الانسان العاقل هو الانسان الذي يستطيع السيطرة على غرائزه الحيوانية كالجنس والسرقة والاستغلال والقتل ويوازن بين مصلحته كفرد في المجتمع وبين مصلحة مجتمعه. انّ الفلاسفة والمصلحين والانبياء دعوا الانسان الى الموازنة بين غرائزه الحيوانية وعقله وساهموا بمبادئهم السامية في دفع عجلة تطوّر العقل الانساني الى الامام في سبيل رقيّه في مدارج الحضارة الانسانية.

انّ الحاكم اذا كان قاسيا وجبّارا لا يفلح وانجح حاكم او زعيم هو الذي يستعمل سياسة اللين والشدّة ولكن بعدالة ونبذ الظلم لانّ الانسان بطبيعته يحب العدالة والمساواة وقد اكتسب هذه الخصال بعد معاناة طويلة في سلّم تطوّر عقله.

انّ مسالة الحُكم منذ نشوء الحضارة الانسانية هي في حركة دائبة ومستمرّة ويتميّز بتبادل الادوار، فالحكّام يصبحون رعيّة، والرعيّة يصبحون حكّاما وحسب نواميس الكون التي تتحكّم في المجتمعات.

انّ التاريخ مليء بالعبر، امبراطوريات ودول حكمت وسيطرت وطغت ثم زالت، شعوب مظلومة ثارت على حكّامها فحكمت ثمّ طغت وثار عليها اخرون وهكذا دواليك.

انّ الطغيان مرادف للغنى وتملك ادوات الحكم، فكل حاكم او غني يطغى ويظلم وكل مظلوم سيثور في يوم من الايّام، يُعبِّرْ احد الشعراء في احدى الابيات تعبيرا رائعا حول التاثّر والتاثير وتبادل الادوار:

 

مسالةُ دورٍ جرتْ بيني وبينَ مَنْ اُحِب

فلولا مشيبي ما جفا  ولولا جفاهُ لَمْ اشب

           

            فلولا ظلم الظالم لما ثار المظلوم، ولولا استكانة المظلوم لما ظَلَمَ الظالم.

          

            ساتناول احدى مكونات الشعب العراقي وبالتحديد التركمان كمثال لتوضيح العلاقات الاجتماعية بين   

            مكونات الشعب العراقي لاطّلاعي على تفاصيل معاناتهم: 

تميّزَ التركمان في العراق بعد الحرب العالمية الاولى وبعد توقيع معاهدة لوزان التي بموجبها اصبحت ولاية الموصل وبضمنها لواء كركوك جزاءا من دولة العراق والى يومنا هذا بطبيعتهم المسالمة، فلم نلاحظ عليهم انّهم ثاروا او استعملوا العنف بالرغم من اقصائهم والظلم الذي حاق بهم طوال هذه الفترة من تاريخ العراق الحديث الّا ما ندر كمقاومتهم ظالميهم بعد مجزرة كركوك الرهيبة التي حدثت في تمّوز من عام 1959، وكانتفاضتهم السلميّة واضراباتهم ابّان حكم حزب البعث عندما الغت السلطة الحاكمة الدراسة باللغة التركمانية في المدارس الابتدائية حيث اضرب الطلّاب والمعلمون التركمان عن الدراسة كما قام الطلّاب التركمان في جامعة بغداد والجامعة التكنولوجيّة باعتصام سلمي في بغداد امام مقر الاتحاد الوطني لطلبة العراق في الوزيرية ويعتبر هذا الاعتصام اول رد فعل علني معارض لاسلوب حكم حزب البعث في العاصمة بغداد. انّ هذا الاعتصام السلمي حدث في خلال حكم الرئيس الراحل احمد حسن البكر وكنت حينذاك طالبا في كلية الهندسة في جامعة بغداد، واتذكّر كيف تمَّ تفريق المعتصمين بعد تسليم مطالبهم الى رئيس الاتحاد الوطني لطلبة العراق السيّد كريم الملّا باستعمال اسلوب الدهاء والمكر، وقد صاحب هذه الاحداث في كركوك بعض العنف من جانب السلطة كاستشهاد  احد اعضاء السلك التعليمي، المسرحي  (حسين دميرجي ) الذي اشتهر بدوره في مسرحيّة ( عبّاس الكسلان ) التي كانت احدى نتاجات الفرقة القومية التركمانية للموسيقى والمسرح والفلكلور التركماني وقد تمّ محاربة ومن ثمّ اغلاق الفرقة المذكورة من قبل سلطة البعث وبهذا تلّقت الحركة الفنية التركمانية ضربة اخرى في الصميم.  

امّا وضع التركمان بعد الاحتلال الامريكي واحتلال كركوك والمناطق التركمانية الاخرى من قبل ميليشيات البيشمركة فهو وضع لا يحسد عليه، فالحزبان الكردييان الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرزاني والاتحاد الكردستاني بزعامة جلال الطالباني استغلّا مساندة الامريكيين لهم بسبب تعاونهم معهم اثناء غزو العراق وبدؤا بممارسة ابشع انواع الظلم تجاه التركمان والقوميات الاخرى كالاشوريين والكلدان واليزيديين، ولكن مع كل هذا الظلم الذي حاق بهؤلاء فانَّ ردود افعالهم كان ضعيفا حيال ما الّم بهم من تهميش واستغلال وتوهموا بانَّ الديموقراطية الزائفة الّتي يدّعي بها المستعمِر ستكون الوسيلة الناجعة للحصول على حقوقهم، ولكنهم نسوا انّ الغريزة الحيوانية للبشر مازالت مسيطرة على عقول البعض وانّ عقول بعض المجاميع البشرية لم يرتقِ في سلّم التطوّر الى مرحلة الانسانية.

كحل لهذه المعادلة الغير المتوازنة على التركمان والاشوريين والكلدان واليزيديين الذين يعانون من ظلم بعض اخوانهم الاكراد الاخذ باسباب القوّة بجميع اشكالها من قوّة اقتصادية وعلمية وتسليحية والتوحّد في سبيل تحقيق اهدافهم المشروعة في العيش بحرية ورفاه وامان تحت خيمة العراق الموحّد الديموقراطي.

من اسباب القوّة للتركمان والاشوريين والكلدان واليزيديين تكوين مجاميع مسلّحة للدفاع عن انفسهم وحقوقهم وحسب الظروف المحلية وذلك بالانتساب الى قوات الشرطة والامن والجيش بجميع صنوفه، وفي حالة رفض او اعاقة ذلك من قبل ظالميهم فعليهم اللجوء الى المقاومة السريّة لانّ اخر علاج للورم المتاصل هو البتر، ونتمنى ان لا تصل الامور الى هذه المرحلة باذن الله.

حكمة قديمة نوردها في الختام:

 

اِنْ لَمْ تَكُنْ ذئباً في الغابِ بالتْ عليكَ الثعالبُ

 

 

                         

Kamilali19@gmail.com                                                           

http://wwwkamilalicom.blogspot.com

 

Leave a Comment »

RSS feed for comments on this post. TrackBack URI

Leave a comment

Blog at WordPress.com.
Entries and comments feeds.